الحريق في إسرائيل والإستيطان في فلسطين .

Snapshot_20160308_13

لم يكن هناك إحساس بالشماتة القسوى تجاه حرائق تل أبيب ولم نتعمّق في التفكير في هيجان النّار حول رقاب تلّها ولم ينتصب القلم واقفا ليكتب أوجاع إسرائيل وسكانها …حتّى أنّنا نمنا البارحة نوما هنيّا ،مع أوجاع في الرقبة بسبب برد خفيف ضرب العنق من الخلف … نعم لقد ضرب عنقي برد تسبّب في قلّة حركة الرأس ونوم مضطرب موجوع .ما حدث بداخلي ولمحت صداه عند مرتادي ملهى الفايسبوك الليلي بعد أن عمّت الحرائق إسرائيل ،هو نوع من الرّاحة النفسيّة التي ردّ صداها في باطني الموجوع على فلسطين والعراق والشام وليبيا واليمن وتونس أيضا .وكأنّني بها راحة نفسية توازي مفهوما جديدا وغريبا للسعادة …هذه السعادة التي سعى إليها فلاسفة اليونان والإغريق ولم يخوضوا فيها ولم يسعدوا بها .وكانت الحقيقة عند فلاسفة عصر النهضة تستقرّ بين فينومينولوجيا الروح تارة وبين سلطة الجسد طورا . استقرّت السعادة الفلسفية عند شفتي المدوّنة ورقصت عند باب اللذة وكان الإيروس الفلسفي عبارة عن لذة لا تتبوّل ولا تقذف لعطب في إحدى كليتيها و انسداد في البروستات ونظرا لوجود خصية واحدة لا تنجب ..هذه السعادة الموازية لمفهوم الشماتة والتشفّي نبتت في شعر لساني بعفويّة كما ينبت العرعار والإكليل والزعتر بين الجبال بعفوية …هو ذا طبع الوجود وطبع البشر وكلّ كائن حيّ يتنفّس ….تسألني فاطمة بداخلي كيف تسعدين لاشتعال الأشجار وحرق التراب وهلاك الأخضر وتفحّم الغزلان والخنازير واختناق دول مجاورة للتلّ ؟؟؟ يجيبها الأنا بأنّها سنّة الحياة في خلقه وهوس البشر الذي يسكنه حبّ امتلاك السعادة لبني عرقه والذي يشكّل الشرّ الجزء الأخير من لقبه فأينما كان البشر وجد الشرّ وهزل معنى الحب وذاب وانتفى وسط القهر والإحساس بالظلم الذي خلّفته سيايات الدول العظمى المتشيطنة عسكريا واقتصاديا والمتملّكة لأوطان غيرها بطريقة مجرمة وبصورة عدائيّة . فلا الشماتة ستعيد هدوء المنطقة ولا الإتيان على الحرائق سيثير بنفسي السعادة …
وإن كنت أؤمن بالتعدديّة الثقافية والعرقيّة وأنبذ كلّ أشكال الاسترزاق على حساب عذابات الأوطان التي تعيش اليتم على حدودها وفوق أراضيها وإن كنت أحترم كلّ يهود الدنيا إلّأ أني كبرت على بغضاء شديد تجاه إسرائيل التي اتّخذت لها بعدا صهيوني .وما محرقة الهولوكوست سوى جمرة طافية من جمرات أرجيلة المقهى العتيق ب”حضر موت” القديمة “سوسة” اليوم  …كلمة صهيوني كانت منذ مشهد “محمد الدرّة ” في أحداث غزّة الدامية تمثّل بخاطري مشهد الذلّ والظلم والاحتقار لطفولة بريئة ذنبها الوحيد أنّها ولدت من رحم أمّ فلسطينية وأب من رام الله وجدّ أصوله من عكّا .فكيف لي ولأتباع نفسي أن لا تتنفّس سعادة وهميّة ، مؤقّتة لحريق هبّ على حين غفلة مع أصوات الاذان ورنين جرس الكنائس بين الوديان ، سعادة غير مبرّرة على احتراق غابات تلّ أبيب الغريبة عنّي . هي ليست السعادة إنّها  الوجع الغير مشروط على بقاع الوطن البعيد عنّي .وما لغة التشفّي سوا صدى للإحساس بالقهر المولّد لنقمة ولدت فينا وليس علينا حرج ولا ملامة …برأيكم هل يفكّر المواطن الإسرائيلي في أطفال سوريا وفلسطين واليمن والعراق منذ عشرات السنين ؟ ما رأيك أيتها النفس الشريرة بداخلي ؟ هل يبكون على مشهد طفل يحتضر بسبب سقوط قذيفة فوق بيته ؟ هل يتداولون صور امرأة حبلى استشهدت في سوق شعبي من أسواق العراق وبيدها قفة من الخضار والغلال واللحمة بسبب تفجير إرهابيّ سببه تطاول تلّ أبيبهم على أراضي النفط والذهب الأسود؟ … تجيب الأنا وتأمرني بالصمت وتقول لي اخرسي أيّتها العاقّة المغفّلة . إنّك تسعدين  لاحتراق فلسطين في الواقع .
تلعثمت الفاطمة بجانبي وتمكّنت بها حرارة واحمرار الوجنتين بسرعة …فراحت تهذي هذيان المريضة اللاجئة على حدود وطنها وتردّد : اسرائيل إسرائيل إسرائيل هذا التراب الافتراضي الذي لم يجد له بقعة على الجغرافيا …إنّه ذلك الوغد الفلسطيني الذي ابتاع اليهودي قطعة أرض من أراضيه ليعمّر فيها ويستوطن … حتّى تهيّأ لشعبه  التموطن والتموقع فوق أرض غير أرضه .كانت غلطة هذا الجدّ القديم لأطفال القدس اليوم .هو من فرّط في أرضه لإسرائيلي هو بصدد البحث عنه وعن موقع يسكنه .
كنت في كلّ مرّة أسأل فاطمة بداخلي : لماذا الإحساس بهذا التوازن النفسي وهذا النوع من السعادة الوهميّة حين يضرب الذلّ والكرتوش والإرهاب ملهى ليلي في إسرائيل ؟ وكانت الإجابة عن طيب خاطر رديئة رداءة أحوال المنطقة جمعاء .
ما أردت تبليغه خلال حماسة ورغبة القلم في التدوين والفضفضة ليس تبرير سعادة البعض لحرائق تل أبيب أو سعادتي المريضة ….كلّ ما في الأمر أنّها سعادة وهميّة تشدّ النفس من رأس ثديها لتشيح من غزارة حليبها الفائض شوقا لرجوع أمّهات الأوطان اللاجئة  لترابها …رجوع الحق لأصحابه…رجوع الحياة للمنطقة. كلّ ما نريده اليوم هو الاحتفال على وقع نجاح ثوراتنا العربية وما من فرح …لماذا لا نفرح ؟؟ ولا نرقص؟؟ ولا نشرب نخب مسار الحرية ؟؟ ألأنّنا شعوب لا تستحقّ الحرية أم لأن ليل مدينتا فاسق عاهر خائن كليل حكّامنا؟؟
سألت فاطمة بداخلي : لماذا تركت إسرائيل النار تكتسح فضاءات كبيرة ولم تفلح في إخمادها وهي القوّة التي تتسحّر بالدنيا والاخرة في ظرف ساعتين ؟؟؟ فأجابتها الأنا : هي سياسات الاستيطان الجديدة ربّما التي ستقضي على ما تبقى من بني كنعان واليابسة وأصحاب الذي أسرا بعبده ليلا من المسجد الحلال للمسجد الأقصى ….أكلت غصّتي بنهم شديد وبنسق يسارع سعادتنا الوهميّة الغبيّة وتشفّينا الغير ناضج والغير محسوب له بألف حساب .بصقت على كفّي الأيمن وضربت يدي على جبيني وقلت ونبضات القلب تتسارع لتتساقط بين فخذي لماذا نسعد لاحتراق لا نفهم غاياته ولا نقدّر ُ مصيره المجهول الذي سينعكس على فلسطين ؟؟ اقطع الإرسال أيّها الفيلسوف . لقد احترق الفيلم .
– احترق الفيلم ؟؟؟ كيف ؟؟؟ ومن أحرق فيلم السعادة ؟؟
أجابني أحد فلاسفة الفينومينولوجيا والرّوح أنّها مصر وتركيا والأردن قد هرعتا لإطفاء الحريق …نعم نعم لقد قطعت مصر الماء على أهل الصعيد الميّت أهله عطشا وجوعا ليقع استغلال منسوب المياه في إخماد نار تل أبيب… وهرع السلطان العثماني ولا يزل أعمى بصيرا يحاول أن يداري عماه بأربعة أصابع هي لرابعة وليست له …وليس لي من حبر لأذكر جلالة ملك الأردن الذي تحكّه خصيتيه كلّما احترقت المنطقة ليسرع لمزيد حرقها .

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*