نساء سجنان : الحرفيّة الرأسمالية المحترفة في مجتمع ريفي

قرية سجنان البربرية الأصل الأندلسية الهوى والتونسية الروح ,هي قرية صغيرة في طرف مدينة بنزرت حظّها بالطين. مبنية فوق رحم نسائها القويات المتمرّدات الحاذقات فطريا لصنع الفخار وعرائس الطين .وعند رحم كلّ امرأة تتمزّق حضارة رعاة الأقمار الصناعية وساكني سطوح العربات المذهّبة,وبين باريس الفتيات وفتيات سجنان ونسائها قصّة مع الفخاريات ودمى الطين . ضاعت من الثانية دفاتر الفيزياء وبقية العلوم وكنّ للطين تلميذات مجتهدات . تزورهنّ بنات باريس لتتعلّمن حرفة صناعة عرائس الطين والفخار, ولا تنجحن وتسقطن من أول اختبار لهنّ, ولبنات جامعة أكسفورد  في ملابس السباحة إطلالة أخرى. وأمام جمال نساء سجنان الخالي من السيلكون الخام  وعزائمهنّ تنهار جبال الطين وتتلعثم .                               pot

على حواف الطرقات تقف نساء بلدة سجنان الامازيغيات التونسيات في طباشير القرى النائية أمام كومة حجارة مرصعة بتدرج هي بمثابة مرافع لتزيين تحف فريدة مصنوعة من الطين الأحمر بطريقة بدائية.كوانين وأطباق وأواني وفخاريات أخرى هي في حقيقة الأمر ضرورة حياتية بمثابة النشاط اليومي للمرأة جاءت نتيجة الحاجة إلى إنتاج أوان للاستعمال اليومي فكانت الفخاريات مبدئيا تحقيق لغرض وظيفي نفعي .وبمرور الوقت والسنون استأنست المرأة رائحة الطين اللزج وباحت بأسرارها للمادة وأصبحت الأواني المنجزة أكثر نضجا من حيث الأشكال والحجم والزخرف وكلما تقدم عمرهن وتقدم الزمن تطورت الفخاريات وجادت المادة بأفكار جديدة …وقوف السجنانيات على أرصفة الطرقات لبيع منتج الفخار فيه مشاهدة لا تخلو من الإثارة وهي إثارة تتجسد في جسد المرأة المخلوق من طين والجسد أو الشكل الطيني الذي تصنعه الحرفيات موشوما يولد بين السرّ والجهر, بين المادي والروحي, ولعلّ هي تلك الأرض المرتبطة بجذورها البربرية الفينيقية أرض كما امن بها الأمازيغ من حيث هي بطن العالم ومنها الولادة والحياة. وبهذا الفعل فإنّ هذه الأرض هي شبيهة بالمرأة الولود المليئة بالحياة… وفي ركن بعيد من خريطة تونس الصغيرة  تستيقظ الخالة “شادلية” والمرأة العجوز “جمعة” أمّ كلّ الحرفيات منذ البواكير حتى لا يسبقهنّ لجبال الطين والعذاب أحد, وحتى لا يسبقهنّ  لالتقاط قوتهنّ من الأرض  طيور اللقلق المعلّقة أعشاشه بين السماء والأرض فوق أعمدة أضواء الطرقات. وقبل أن ترمي غرناطة شباك الصيد في الفجر تغادر النساء في هذه البلدة بيوتهنّ للجبال… نعم هذه البلدة التونسية تعرف بفخار نسائها  وخاصّة عرائس الطين, وباستقرار طائر اللقلق في سمائها وحتى إذا غابت الشمس عن المغيب وتدلّت السماء لتعانق الأرض  وبان الليل يخجل القمر وتغيب كلّ الأوطان ويصرن هنّ الوطن والصّدى….

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*