إقامة متحف يهودي بتونس لإعادة إحياء معبد ميّت وتراث يموت

habib

يعتبرموضوع إنشاء المتاحف وتأسيسها من المواضيع والأفكار الأكثر أهميّة في تاريخ الشّعوب .وقد علّمنا التاريخ أنّ إقامة المتاحف, إنّما بدايتها شغف وولع لا متناهي في تجميع ثقافات حضارة ما, وخاتمتها هو عبارة عن بناية صرح يخلّد لذاكرة جماعيّة لا يمكنها أن تموت وقد وقع حفظها في مكان يسهر على حراسته أمن وسلاح فيه رصاص . والويل لمن يحاول المساس بقدر من فخار اسودّ لونه  أو آنية أو حتّى وثيقة مكتوبة بحبر عبري كان أو أرامي أو عربي … لأنّه لا يمكن فهم أهمية الحضارات بعيدا عن المتاحف …المتحف إذن هو المكان الذي يكفل حقّ مخزون الحضارات والثقافات, تماما كما تكفل ديار الأيتام أيتام الحروب والموت … وعلى سبيل ذكر اليتم والأيتام فإنّ المتحف اليهودي الوحيد في العالم العربي وشمال إفريقيا الموجود بالمغرب أصله فضاء كان يحوي أيتام أطفال اليهود المغاربة وربّما تكون تونس البلد العربي الثاني الذي بدأ يعمل على تأسيس الفضاء العامّ لبداية تكوين متحف يضمّ كل محتويات الثقافة اليهودية بتونس . اليهود التوانسة هم جزء لا يتجزّأ منّا,من حضارتنا, حتّى لو اختلفنا إيديولوجيّا وفكريّا فإنّ البعد الثقافي الشامل يجمعنا في إيناء واحد لو فقط حاولنا مصالحة أنفسنا والتاريخ .

      على إثر زيارة الغريبة الذي يقام كلّ سنة في المعبد اليهودي بجزيرة جربة التونسيّة, انعقد بالتوازي الملتقى الثالث لكلية الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة بالاشتراك مع مخبرها المعروف بكثرة حواراته وندواته المتعدّدة حول التراث في كامل ربوع تونس. انعقد الملتقى يوم 25 ماي 2016 بحضور وزيرة السياحة “سلمى اللومي” ورئيس الطائفة اليهودية “روجيه بوسميث” ومحافظة التراث بالمتحف اليهودي بالمغرب الدار البيضاء “زهور بوحليل” ومحافظة المتحف اليهود بتركيا “ماليسا” ونظيرتهما بفرنسا أيضا وتونس السيدة “سعاد” محافظة التراث بمتحف, كما حضر الندوة مجموعة من الباحثين في مجال التراث بمنوبة والبعض من يهود تونس القاطنين بجزيرة جربة التابعين لها . وتعتبر  فكرة إنشاء متحف يحمل عادات وطقوس وكلّ محتويات الحضارة اليهودية في تونس  فكرة عميد كليّة الآداب والفنون والإنسانيات بمنّوبة السيّد “الحبيب القزدغلي” . وجهة نظر العميد محتوى أبعادها مبنيّ على فكرة التصالح والتسامح مع تراث يشكّل جزء كبير من تاريخ تونس , ويقول ” أنّه لا يمكن لرجال الأمن أن يظلّوا رابضين أمام المعبد يحرسون الجدران وكنيس وسطه فارغ من المحتوى والمضمون . يجب أن يحرسوا فضاء وآثار وسطها محشو بحضارة وتقاليد وشعائر وكلّ حياة وثقافة اليهود”. وحراسة الذاكرة تتطلّب وقفة حازمة من قبل الدّولة وأهل الاختصاص ومواطن أيضا . ويظلّ نجاح فكرة إنشاء متحف , رهين قوّة الإرادة و الصّبر وتحمّل عناء البحث في مخزون التراث المادّي والغير مادّي من قبل مختصّين في المجال وغير المختصّين,فكم من فكرة ماتت وكم من نجاح كان حليف مجموعة . هكذا عودّنا تاريخ قصص إنشاء المتاحف في العالم ,بحيث تبدأ الفكرة بشغف في تجميع المخزون قطعة قطعة لينتهي بها الأمر لمزار للسيّاح من مختلف دول العالم .

 

2 thoughts on “إقامة متحف يهودي بتونس لإعادة إحياء معبد ميّت وتراث يموت

اترك رداً على فاطمة بلغيث معتوق إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*