جمعيّة قرآنيّة تستولي على محلّ لبائع فخّار من ذوي الاحتياجات الخاصّة بباجة

 فتحت علبة الرّسائل كالعادة في إحدى مواقع التواصل الاجتماعيّة . في هذه العلبة بالذّات تجدني كلّ يوم أصارع الكلمة وليس الأفراد . الكلمة وحدها باقية وأما الفرد فهو إلى زوال لا محالة . انتقي منها الصّالح المفيد وأتجاهل النشاز والشذوذ لكي أحافظ على ذلك الفرد الذي نستقي منّا ومنه عبر الحياة والدّرس . تصفّحت الرّسائل احتفظت يبعضها . وفسخت بعضها وتجاهلت شيئا من بعضها . وبعثت ردّا لبعضها . الرسالة شدّت انتباهي بها وثائق تبدو جادّة وهامّة ومحيّرة من عناوينها . فحين يقترن اسم القرآن الكريم بعمليّات استيلاء وإخلاء وسلب وعنف وحيلة  بأعمال لا إنسانية فجدير بنا أن نعيد خلط الأوراق لنصحّح مسار اللعبة من جديد … جمعية قرآنية تستولي على محلّ لبائع فخّار بسيط الحال والأحوال في منطقة باجة الواقعة بإقليم الشّمال الغربي بتونس  . الرجل قدّم شكواه مرارا للمصالح والمؤسّسات المختصّة كما رفع دعوى لوكالة الجمهورية .حتى رابطة حقوق الإنسان لم تلتفت إليه وما من سامع ومجيب . هواستيلاء مع سبق الإصرار والترصّد….  ودون تفكير هاتفت الشّاكي شخصيّا للغوص معه أكثر في القضيّة … وأنا بصدد الحوار معه تألّمت ألما غير مشروط …بلعت الألم غصّة وراء غصّة  لسبب بسيط وهو أنّ الضّعيف الحال في عوالمنا النّامية لا يجد دائما سندا لهمومه ومشاكله اليوميّة التي قد تزيد من بؤسه وتعكّر صفو حياته المتعكّر بطبيعته خلقيّا .بل بالعكس كلّما تعالت أصوات السّاسة والأحزاب في ساحات النّفاق والرّياء كلّما ازداد بؤس هذه الشريحة من المجتمع..عقد التسويغ الذي تصفّحته وجدول الأوراق الموجّهة ومحضر المعاينة بحضور عدل منفذ من دائرة القضاء الابتدائية .كلّها وثائق رسميّة واضحة المعالم والملكية ولا يشوبها تحيّل على ملكيّة أو على فعل غير قانونيّ …المواطن الضعيف الذي لجأ لمواطنة مثله لكي تكتب له بعض الأسطر علّها تفيده يدعى “سامي السلطاني” القاطن بحي المزارة بمدينة باجة . المحلّ هو في الأصل يعود لتركة الفساد السّابق أملاك التجمّع المنحلّ أيام الرئيس السّابق زين العابدين بن علي (نادي شعبة المزارة) وقد تحوّلت ملكيّته بعد الثّورة  ضمن أملاك المجلس الجهوي بباجة و هي مؤّسسة تابعة للبلدية بنفس المنطقة . المتضرّر يدفع في اجر كراء المحلّ منذ سنة وقد وافق المجلس الجهوي من تسويغه المحلّ باعتباره ينتمي لشريحة المعوزين …غير أنّ البناية كلّها بما فيها هذا المحلّ قد وقع تغيير وجهتها من بناية توفّر محلّات للضّعفاء الحال للاسترزاق إلى بناية تابعة لأعمال نهضتنا بتونس .فحزب النّهضة همّها الواحد هو بعث جمعيّات قرآنية لتحفيظ القران للأطفال وكأنّ أطفالنا لا يتعلّمون القران في منازلهم وفي المدارس… هذه البناية بأكملها استولى عليها بعض المنتمين إلى حزب النّهضة وطبعا بمساندة النائب عن كتلة الحركة في مجلس نواب الشّعب  “سامي الفطناسي” . رئيس الجمعيّة القرآنية يدعى “محمّد إكرام الوسلاتي”…فهل من المعقول أن نعلّم أطفالنا القران وحبّ الخير والرّفق بالضّعيف في محلّ وقع الاستيلاء عليه من صاحبه الضّعيف الحال بائع الفخّار والورود. علّموا أطفالنا كيف يقدّمون وردة كلّ يوم لمحتاج متسوّل ضعيف واتركوا تعليم القران في المدارس . وعوض تأسيس جمعيّات قرآنية مشبوهة التمويل والتموين افتحوا أبواب الرّزق في وجوه الضعفاء سينير الله دربكم يا كوادر النّهضة .

وبما أنّي لم أعد أستوعب كثرة الرّياء والنّفاق في بلدي الحبيب فدائما أختم نصوصي بأسئلة عبثيّة ليس لها أيّ مصلحة .لماذا تضع الدولة على ذمّة المواطن مؤسسات عموميّة مهمتها خدمة المواطن؟.أين هي سلطة الإشراف على هذه المنشآت العموميّة ؟. لماذا يموت الضعيف الحال مرّتين في بلدي مرّة بالحياة ومرّة بالموت ؟. التفّوا حول الضّعفاء يا أولى الألباب قبل أن تفتحوا لنا جمعيّات تحفيظ القران .هذا الأب أولى بالمحلّ للاسترزاق وإطعام بطنه ومن معه .أم أن جمعيّة تحفيظ القران ستتكفّل به ومعيشه اليوميّ …القران نستفتح به باب رزقنا عند الصّباح ولا نتاجر به في محلّات الغير . تعالوا يا من جعلتم من القران مادّة تجوب المحلّات والجمعيّات وتجلبون بها صماصرة التمويل .تعالوا نقرا معا سورة يوسف العظيمة ونعدّ معا عدد الكواكب والشمس والقمر الساّجدة للإنسان … تعالوا نحلّل معا سورة يوسف كاملة بآياتها 111.وعدد كلماتها 1795وعدد حروفها 7125 حرفا علّكم تعلمون أنها “أَحْسَنَ الْقَصَصِ” …سورة تنطبق على نهضة المصالح الشخصية المبنيَّة على الأنانيَّة وخدمة المصلحة الخاصّة  للأسرة (أخوة يوسف) …وهي مثال واقعي يبيِّن كيف أن المظلوم قد يعامل كظالم والبريء قد يصبح متَّهما . تعالوا نعلّمكم معنى القران يا نهضة آخر زمن .

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*