مواطنة في حمّام سفارة عربيّة

Snapshot_20160308_17

السفارات العربيّة وطريقة خدمتها للمواطن …هي ببساطة تصوير لواقع دهاليز السياسات العربيّة التي تحكم نفس ذات المواطن … لا تملّ من صَلْبِهِ في طوابير طويلة …في الحقيقة هي تسلّينا عند كلّ زيارة بمشاهدة الموظّفين وهم يشربون القهوة ويطالعون الجرائد …يَقْسِمون طلب المعلومات الّلازمة لتسيير المعاملات على ثلاث مراحل زمنيّة احتفاظا بالموروث الحكومي … وثيقة للتّصديق…وثيقة للتّرجمة ……..وثيقة للتّصوير ..وأخيرا وثيقة للطّابع ومنح الفيزا .ووثيقة زيادة هديّة من السّفارة وثيقة تصيبك بغثيان و تقبض أسارير وجهك وتشعرك باختناق يشبه أزمة اختناق ركوب الطائرة …وإذا أردت أن تعرف قيمة الخدمات السفاراتيّة لأي مواطن عربي في أيّ بلد عربي جرّب ولو لمرّة ادخل الحمّام لقضاء حاجة طبيعيّة مستعجلة …فإمّا أن تجد الشطّافة التّي تغسل بها عضوك مكسورة ….حتّى أنّي أذكر مرّة دخلت سفارة عربية بتونس بنهج الفردوس مونبليزير … دخلت الحمّام لقضاء حاجة خفيفة جدّا فتحت ال tuyau” لأغسل بقايا “البي بي” العالقة بسطحي وإذا بالمياه تنطلق بقوّة من كلّ جهاته …تبلّل شعري وثيابي وحذائي فعمدت بسرعة إلى (تنشيف) رأسي بلفافات ورق التواليت وخرجت أداري وضعي الحرج ووقفت وسط جموع المراجعين من (……..)وتوانسة أنتظر إنجاز معاملتي بكلّ نخوة وحذر ….بدأت النّظر في الوجوه من حولي لأتأكّد من أنّ أحدا لم ينتبه لشَعري المنقوع وثيابي المبلّلة ….نظرت شمالا ويمينا فوجدت أنّ الأغلبيّة الواقفة في الصّفوف بلعت الورطة مثلي وشربت من ماء الحمّام من تيسّر …منقوعي الرّأس مبلّلين ….فصار همّي أن أراقب كلّ من يدخل إلى الحمّام فاذا بكلّ من يدخل يتأخّر داخل الحمّام ثم يخرج ناكس الرّأس مبلولا وقد التصق بوجهه رقائق وفتات ورق التواليت الأبيض… ينظر في عيون الآخرين المبتلّين بأسَى وكأنّ شيئا لم يكن وبراءة الأطفال في عينيه ………………………………………………………………………………………………………
إنّ ما يجري في دهاليز حكوماتنا وسياساتنا يشبه إلى حدّ بعيد حال حمّام السّفارة …فكلّ من يزور قصر ملك الحرمين فإما أن يخرج منه مبلّل للكوعين والمرفقين وحتّى الكعبين …وإمّا أن يخرج منه مبلولا ينشد الأغاني الثوريّة وينظر خلسة إلى الدّاخلين إلى ذات المخادع والقصور المسيّجة أسوارها بالذّهب وحمّاماتها بالفضّة المذهّبة نفطًا ويرى على قفاهم ذات العلامات وعلى وجوههم نفس ملامح القشعريرة …والكلّ بالع للموقف والكلّ يعلم مايجري للكلّ وكلّ من يخرج يَنْظَمّ ويتّحد مع جوقة الأناشيد الثوريّة ويتحدّث بذات الّلغة الجوفاء ……….. السّفارات العربيّة بكلّ الدّول سفارات غير ملقّحة ضد داء الخنّاق والسلّ والحصبة .والحمامات  يلزمها صيانة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*