شيطانة الفن

Snapshot_20150510_1

“شيطانة الفن حين تهيم بعقول المبدعين تعصف بأفكارهم …تجوب المقاهي …تتأمل نظرة شاردة… او عين لامعة…تتجلى له بلحن في اذنيه… أو إيقاع بعقله… أو صورة ذهنية… أو مجرد فكرة تتحسس طريقها للنور… لا تعرف بعد في أي صورة ستخرج للعالم… مقطوعة… لوحة… تمثال… قصيدة… هي أيضاً تنتظر متعتها، فهي تختار المبدع القادر على التعبير لكي ينشر أفكارها على مريديه… أو مريدي فنه…” مقولة اكثر من رائعة لصاحبها المؤلف المصري “محمد السباعي” …. بعيدا عن لغة السرد الفضفاض ورمي الورود فلست المورطة في قضايا الشكر والتمجيد المقنن ولم أتعود لباس الفضفاض لكسب هواء ليس بهوائي للتنفس من خلاله وكسب الود … بعيدا عن كل هذا أحببت بشبق أنثى مجنونة  حبكة هذا الكاتب المصري وهو يشيطن بقلمه أينما حل.

… استفزني مصطلح السباعي بقي عالقا بذهني رجعت الى المصدر وهو عبارة عن نص تحليلي نقدي تحت عنوان “متى يأتي الوحي من الشرق ” أنا كباحثة في علم التراث أصنفه ضمن الوثائق القيمة أو هو النص المرجع و “شيطانة الفن ” هي استعارة تصريحية بليغة ……”شيطانة الفن” كما حدثنا عنها صاحبها تغمرنا وتدخل فينا دون اذن منا  وبلا تأشيرة عبور من القنصلية… عصفت بي ذات يوم الى عالم الكتابة ومن قبل الكتابة بعثرت أوراقي في عالم الألوان والخامات وما بينهما علم الاستيتيقا الجمالي و علم التراث وفي هذا العلم اكتسبت مناعة ضد تشتت وبعثرة مفهوم الهوية الصحيح … غاية المبدعين واحدة وثابتة والمتغير هو طريقة التعبير والفكرة والاسلوب والأداة  ولكل منا أسلوب ومنهج ولكل واحد شيطان يهيم به … للكاتب المصري ” محمد السباعي” “( شيطانة) أنثى تهيم به ولي(شيطان) ذكر يهيم بي … حيث لم يكن الشيطان يوما أنثى ولا ذكر ولم يكن من نسل ادم وحواء وليس للشياطين جنسية ولا هوية … هو المجاز… واللغة مجاز أو لاتكون والفن ضرورة بلاغية يلعب فيها المجاز دورا كبيرا ليحقق المعنى المنشود .

….إن هروب المبدع من واقعه يعتبر من الحساسيات النفسية الذاتية متفق عليها في عالم الشيطنة ولا يفهم شيطنة أفكاري الآن إلا من اكتوى بنار الإبداع ولهيبه …. الهروب من الواقع  أمر جائز وما من سلطة تمنع أي هارب من واقع لم يلبي  للنفس غرورها …وهنا  “تأتي مأساة الوحي… وأزمة المبدع، فلكي يجتاز عقبة المحلية ويخرج للعالمية عليه استبدال شيطانة شعره، بأخرى عالمية… ويبدأ الصراع داخل المبدع بين الموضوعات المثيرة لحسه الإنتاجي وقدرته الإبداعية وبين ما يراه من الأعمال الناجحة بمقياس التسويق والشهرة ” هكذا بدت الأمور واضحة مع الكاتب محمد السباعي استبق كل شياطين الأرض والفكرة وحدد لي مغزى قصة هروب أي مبدع …فحسب السباعي فان المبدع دائم  البحث عن عالمية مفقودة أي هو يبحث عن ذات فطمت ولم يكتمل نموها رغم اكتمال الحولين  … هذا الكاتب شرح المعادلة في الحقيقة في إطار فكرة “متى يأتي الوحي من الشرق” وأنا كمعجبة بشيطنة أدبه ربطت معادلته بمعادلتي لأفهم سر هروب أي مبدع عن واقع ضمن واقع …واقع آخر لا رقابة فيه ولا مقص …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*