صورة سيلفي حمقاء خير من ألف صورة مُزيَّفة مركّبة من الجزيرة يا فاطمة

Snapshot_20151116

أصوات الكلاشينكوف تُدوِّي على الحدود بين جنوب تونس وليبيا … زناد يضرب الجدار والمنازل وفوق السّطوح منذ غروب القمر في الجنوب لحد بزوغها في الشمال …سمكٌ سفّاح هارب من هول الحرب من الضّجر.من ليبيا القهر.. يمسك بطرف القميص المترهِّل والذّقن القذر ويجري يبحث عن وكر يحتمي فيه قبل طلوع الفجر …يحتمي المسكين الهارب بمنازل البشر ويُكبِّر في الأبواق بأنّه إمارة العفن جاءت تخلّص النّاس من طواغيت الدّهر …صاحب المقرّ يسلّمه مفاتيح بيته والقفل ويخرج منها ليقف مع رجال الأمن للمساندة وحماية الظّهر… صدى دويُّ الرّصاص يردّ النّبأ في حواشي صدورنا ونحن نتابع أحداث بن قردان الدّامية بتونس ليلة الأمس واليوم السابع والثامن من مارس 2016 بمقرّات عملنا وفي السيّارات …جنود وقوّات مسلّحة وديوانيّ ومدنيّ كلّهم يجتمعون في ساحة واحدة ساحة القدر …رصاص في بطن السّمك الهارب بذيله الحافي وقميصه المترهّل الباكي… الجنديّ يسرق من عمره دقيقة ليلتقط سيلفي مع صيده الوافر والوافي في الميزان ومذيعي ومذيعات قناة الجزيرة المحترفات في تركيب الصّور وتلصيقها وتدليسها وتزويرها يترصّدن حركات ذلك الجندي الشّريف القابع في أطراف الخريطة يحمي التُّراب من وخز عقارب القرن الشَّغَّالَِة بوقود نفط القطر… الجنديّ يبعث رسائل الصّور والسيلفي مباشرة لحبيبته والقدر يفتخر …يرتجل..يفتعل..وينتصر …الشرطيّ أفرغ رصاصه في بطن السّمك الهارب برجلين حافيتين تنتعل…الجنديّ يطلب الإذن بكل فخر يحتلم…سيّدي الكولونال كوموندوس رئيسي عند الجبهة لحظة من فضلك قبل أن تجمعوا حفنة الأسماك الميّتة للقَبْر …سأقطع واحدة سيلفي وداعش خلفي للذّكرى للزّمن …ذكرى للتّاريخ والحبيب والدَّهْرِِ قد لا يسعفني الرُّجوع غدا لِوَكْرِي وأولادي و الوطن.

 

جنديّ تونسيّ بشارته البسيطة يلتقط سيلفي يفتخر ومذيعة في ورشتها مقهورة …أصابتها حَكَّةٌ و”قَرْصَةٌ” على مستوى أسفل الظّهر والبطن …مذيعة قناة الجزيرة فاطمة التريكي تتفاعل مع الصّور للجنود و القمل الملقى في إسطبلات البيوت ببن قردان وخلف قنّ الدّجاج وأقفاص الأرانب والبغال يُحْتضر… حَكَّت فاطمة أسفل ظهرها الملتهب بريح النّفط القذر وهزّت بلسانها وقالت “بأيّ نوع من العَلَفِ يعلفونكم” يا حمير يا بقر والخطاب موجّه لجنديّ بسيط يفتخر…نعم هكذا ردّت هذه المذيعة على صورة سيلفي لجنديّ تونسيّ يفتخر … ….يا فاطمة يا زهرة الجزيرة العربيّة صورة سيلفي لجنديّ تونسيّ بسيط يفتخر لخير من ألف خبر يخرج من جزيرتكم منتحر فحربنا في تونس حرب على بقايا حشرات عقارب الصّحراء والقبائل البدائيّة و”الهَمَلْ”…

تعيش تونس الخضراء موطني والرّوح والجسد هجمة شرسة على الحدود مع الجارة ليبيا ضدّ تنظيم داعش الفقير الجائع والبدائيّ الصّنع المكفهرّ…معتمديّة بن قردان على صفيح من نار تحترق … الجنوب التونسيّ يواجه ضربات السّيف الموجعة دون توقّف منذ التّاريخ … هذه الضّربة كانت متوقّعة ومحسوبة منذ 2011 متى انتقلت عدوى فيروس الثّورة لليبيا …وليبيا بعد القذّافي لم تعد ليبيا “من أنتم” بل تحوّلت لدمار وحطام ” أين انتم” للّادولة واللّانظام والّلا جمهوريّة …ما عَمَّرَهُ المْعَمَّرْ وزَيَّنه في كتابه الأخضر الذي أثار ضجّة واستهزاءًا وقع فصْله عن التّاريخ تماما …وبين ليبيا الكتاب الأخضر وليبيا الموت سنوات من الضّياع والتّيه المستمرّ … والأيّام بيننا .

حين تعالت أصوات اليسار بتونس سنة 2011 ولازالت الثّورة بالخضراء يانعة عذراء تحذّر من تداعيات مخيّم بوشوشة الّليبي الذي نصب خيامه على بعد 50 متر من المعبر الحدوديّ رأس جدير من مدينة بن قردان ووجوب ملازمة الحذر من تدفّق الأسلحة لتونس وضرورة وضع خطّة طوارئ تحسّبا لسيناريوهات الحرب تعالت من الجبهة المقابلة لليسار وأعني اليمين التّونسي بِمُتطرِّفيه ومُعْتدليه أصوات موازية تتبجّح علينا بالوطنيّة المراهقة والزّائفة زيف عقد الكريستال الذي ألبسه في عنقي في المناسبات…أصوات اليمين كانت حاجتها ضرب اليسار وقتهاعلى حساب سلامة أرض الوطن. ودارت السّنون بعد خَمْسٍ من السّنوات وها نحن نعاني من دخول تجارة السّلاح والكلاشينكوف وانتشار مخازن السّلاح والقذائف إضافة إلى مخازن بولهم ومَنيِّهم النتن ورائحة ذقونهم المقرفة التي يرتع فيها القمل ألُوفًا وقوافل. .

بن قردان هي مصدر تدفُّق التّجارة و التّجارة الموازية و نقطة تهريب كل السّوائل والسّلع أيضا …بن قردان هي حبل صرّة التجّار “التوانسة” التي تربطهم بليبيا …يقال أنّ الجار قبل الدّار …وليبيا اليوم بعيدا عن الحسّ الوطني لا يمكن اعتبارها دولة مستقرّة ذات سيادة وقانون …ليبيا هي جارة تونس المُتْعِبة وهي معقل تدريبات الإرهابيّين “توانسة” وغيرهم من الملل وعبر ليبيا يتمّ تهريب المجاهدين إلى سوريا وتركيا والعراق وكل الدّول التي تآمرت عليها الدّول الكبيرة ودول الجوار … شهادتي هذه مجروحة بطعم الحنظل تخنق لكنّها واقع …وحين تكون أرض الوطن مهدّدة ينتفي كلّّ إحساس “بمواطنة ما بعد الحدود” ويصير تعصّبي للوطن ولأبناء وطني أمر فطري …وتصير رغبتي متوحّشة في معانقة الجنود البواسل الرّابضين على الحدود يقتنصون السّمع والنّظر بكلّ ما يهدّد تراب الوطن … منذ الثورة لليوم زفّت تونس العديد من خيرة عِرِّفيها وشبابها عرسان مكفّنين بالعلم لأجل تراب الخضراء …فيهم من مات غدرا وذبحا ومنهم من قدَّم صدره للرّصاص مقابل أن أحيا أنا وأنت بسلام … نعم مقابل أن نحيا نحن بسلام …وحين تجرّأ بعض الجنود “التوانسة” بالأمس في أحداث بن قردان لإلتقاط صورة السيلفي المشهورة مع جملة من الصَّيد الدّاعشي الملقى على الأرض كما بقايا هياكل السّمك على طاولة عشاء فاخر في ليلة ماجنة من ليالي السّهر الصّيفيّ في ميناء حلق الوادي بتونس العاصمة.تعالت أصوات مذيعات الجزيرة المتأنّقات المتجمّلات النّاعمات بريح البترودولار الأسود بالسّباب والشّتم والهزّ والنّفض والّلطم والرّكل ومنهم المذيعة “فاطمة التريكي” ولا أدري “ما حرق شعيرها “. بلغة أخرى لماذا تحشر أنفها في سقمنا وبؤسنا وحربنا وحياتنا وأرضنا وحدودنا وهب ابنة الجزيرة المدلّلة … يبدو أنّها رغبت في مكافأة أوّل الأسبوع القطريّة …يقال أنّ مكافأة أوّل الأسبوع مقابل حمل أوزار الآخرين ثمنها باهض في الدّوحة..جنديّ صغير بدرجة عرّيف يبلّغنا التحيّة بصورة سيلفي مباشرة من جبهة القتال ليعلن حضوره على أرض القتال وليعلن انتصاره القويّ وفاطمة تعلن قلقها من مقرّ الجزيرة على السيلفي فقد عزّ عليها داعش وقلبها انفطر…حتّى الحروب يا “فاطمة” الجزيرة تتغيّر دينميّاتها بين الحين والآخر وتساير الحياة تماما كما تسايرأسعار النّفط السّوق العالميّ في “بورصات إنفو” وفق اتفاقيّات الدوحة مع دول “أوبك” والضّجر .فلا تضجري يا “فطّومة” من صورة سيلفي لجنديّ صغير يفتخر وتعقّلي ولا ترتبكين فالجنديّ قد وقع توبيخه لحماقة الخبر…

2 thoughts on “صورة سيلفي حمقاء خير من ألف صورة مُزيَّفة مركّبة من الجزيرة يا فاطمة

اترك رداً على فاطمة بلغيث معتوق إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*