أنا امرأةٌ أخرى

Snapshot_20150518_18

إن أكثر من يحقد على المرأة هو المرأة عينها المرأة ذاتها … واقصد المرأة حين تقسو وتحقد على نفسها على الأنا على الذات … قد تختلفين معي وقد نتفق في ما سأقول … إن اختلفنا ففي الأمر هناك التباس حجب عني الرؤية ولم أره ورَأيْتِهِ أنْتِ و إذا اتفقنا فالأمر مستحب وعلى غاية من الشفاف … الرجل وان حقد عليها فبدافع الغيرة والحب وأحيانا كرها وقسوة وان لم يكن كذلك فبدافع قانون الباطريريكية الذي يسكنه كما طيفه … أنْتِ وأنا …نحن سر غريب سر خريف يقف على الباب … يريد أن يطرق الباب ولا يفعل … نترك خلفنا السؤال وألف استفهام و نسعى جاهدات للبحث عن جواب يكون بألف معنى واستدلال نستشف منه ذواتا ضائعة … أنا امرأة ولست بتمثال حجر …حتى الحجر يصرخ أحيانا ويندمل …فيتشقق ليعبر عن الم عن ضيق عن ظلم الطبيعة وقسوة ملح البحر ومعول الفلاح إن هوى عليه ليحرقه ويذوبه ليصنع منه فحما … أنا امرأة مثل الريح وليس للريح بيت …امرأة تذوب كما الحجر وترجع لتتصلب ثانية وتعود لمعدنها .. كل ما في الصمت يناديني أن اصرخ أن أبوح وأفصح عن الهوى … كل الأديان ذكرت المرأة في نصها .أخبرتهم كيف يعاملون المرأة ولم تخبرهم عن ماهيتها وكينونتها…امرأة نوح وامرأة لوط وامرأة فرعون وامرأة العزيز ونساء الرسول …كلهن نساء بين كافرات ومؤمنات .عرض القران الكريم الكثير من شؤون المرأة في أكثر من عشر سور .سورة النساء سورة مريم ويوسف والبقرة والنور والمائدة والأحزاب وسورة الطلاق … وابغض الحلال عند الله الطلاق ….وابغض ما في الجنس ممارسته عند المحيض ” فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن “. بين طهارة وحيض ونفاس وجنابة واغتسال ونكاح وطلاق ومغفرة بدت المرأة وكأنها صورة لهيكل ينزف من فوق ومن تحت. دماء يوم وُلِدَت ويوم بلغت وصارت صبية وليلة الدخلة وعندما حبلت ويوم الطلق وموعد مع نزيف خفيف في الشهر مرة…المرأة لها موعد مع الدماء في كل مراحل عمرها ويوم يتوقف سيلانها لتستريح من رؤية الدماء الحمراء القاتمة تدخل مرحلة سن اليأس وتبدو عليها علامات غلظ الدم والسمنة والسكري وشحوب في البشرة هكذا قالوا عنه ووصفوه .ومع اليأس الطويل المدى(( يكملن)) ما تبقى من العمر…لست بباحثة في علوم الشريعة والدين ولست بمجادلة محللة للكلام المقدس ولا ناقدة له.إذ يعج المجال بالمؤولين والمشعوذين وصاروا يفتون فيه ويلفقون ويحجبون ويحذفون ولهم في المجال فضائيات وأموال تدعمهم … وسوف لن اقبل أن يدخل سن اليأس غرفتي ليضاجعني وأنا امرأة تنبض عشقا للحياة .فخذ قميصك الليلي وعلبة السجائر والكبريت وغيمك وارحل فلا يأس عندي لكي تضاجعه ليلا .

اخترقت وطرقت باب الجسد وعند كل طرقة يتلون جسدي وينتعش فتحمر الوجنتان وينتفخ النهد الأول ويتبعه الثاني وتتحرك معه سائرالاعضاء .الجسد رسمته على الورق وزينته بالألوان فانتشى وانتصب وحاكاني وحاكيته وكتبته فوق الورق فهاج وماج وغير معه لون الحبر وصار الحبر بحرا من ورق والقلم مجدافي والجسد بين المجداف و أصابعي يلين كحلوى لذيذة . ليس من باب الكبت الجنسي كما ارتأى للبعض أن نحتفي بالجسد ونعبر عنه ولا من باب التطفل على أدب الجسد ولغته أوهو رغبة قوية لممارسة الجنس اوشبقية مفرطة لدى المرأة …أو البحث عن الشهرة من خلال الحديث عن الجنس باعتباره من التابوهات المحرمة الدين والسلطة والجنس…هذا الجنس تبا له …نمارسه جميعا ولا احد يجرؤ على الحديث عنه و هو تابو متصل بشكل كبير بالتابو الأول و يستمد قوته منه. و الأرجح أن تابوه الجنس نشأ مع الدين منذ البداية و كان وثيق الارتباط به. و منذ أن أصبحت الأنثى ملكية خاصة للذكر كان الدين هو المنظم لتلك العلاقة….تخنقني العبرات أحيانا داخل هذا الجسد لأنه يتحمل أعباء دورته الطبيعية الحياتية بصبر ولا يشتكي ويحمل وزر شقاوتنا ورغباتنا وساديتنا وكتمنا وصمتنا وحمياتنا الغذائية ولا يتذمر ونتذمر نحن … مفارقات الجسد كبيرة وواسعة وسع البحر قد يفهمها البعض وقد لا يكترث لها الأغلبية ويعيشون على هامش لعبة الجسد الرهيبة دون ملامسة نقاط الشهوة ومكامن اللذة فيه . كم جميل أن نرقب الجسد على بعد أميال من العقل نتحسسه نلاغيه نقلبه على بطنه ندغدغه ونثيره فننسى انه منبع نزف مستمر وعورة وكوكتال نكاح ورجم وحيض وجلد ودماء وولادة ونفاس وجنس وسجن وتكبيلات وعادات وتقاليد وشرع وأحكام دينية…إن الجسد هو سرنا العظيم وهو في الوقت نفسه فاضحنا الأعظم .فيزيولوجيا كل شيء يذكرنا بالدماء النازفة.انثروبولوجيا ليس هناك علاقة أحادية و مباشرة بين جسد ومتعة فليس من العدل أن نربط كل نفس يتنفسه الجسد بالجنس والدليل أن العديد من القبائل الشفهية في إفريقيا والأمازون يلبسون العراء … دينيا هو ما بين توبة وفتنة وتحريم وتضليل وجهاد وموت ومن ثم العود إلى الأصل إلى التراب. امافي الخطاب الفلسفي فقد تناحرت الفلسفات في شانه بين الكوجيتو الديكارتي و الفينومينولوجي الهيجلي وميتافيزيقا مارلوبونتي ولا شعورية فرويد و ثقافيا فهو لا يغدو أن يكون سوى فكرة قابلة للتشكيل ….الجسد بعيدا عن كل هذه السجون والمدارس الفكرية هو عندي لعبة جميلة وقصة لذيذة ممتعة هو شرارة حراك وأيقونة تغيير هو روح هائمة هو لغتي وهو معذبي وجلادي وهل سمعتم يوما عن طير يحب سجانه …و أنا امرأة تفكر تنتج تعمل تشقى تربي تعشق تحس تثور تتمرد…. إن ابغض ما في الحياة هو الصمت والكتمان ..سأقف لحظة بعيدا عن كل النصوص .سأخرج عن القانون وكل الأجندات والخلفيات وسأعبث بحاكيات الحنين .

من أنا …من أنت … من نحن …ماذا نكون إن لم نكون امرأة . قد لا تتساوى كل نساء الدنيا في فكرة واحدة ونموذج وحيد …إذ تتعدد وتختلف التركيبة النفسية والفكرية والثقافية من امرأة لأخرى…لكن سيبقى داخل كل امرأة أنثى تقف عند شاطئ رغبة الجسد .ولكل جسد امرأة ولكل امرأة جسد …ولم تكن لعبة الجسد وهو يعانق الجسد الآخر الشغل الشاغل الوحيد الذي يشغلني ويستريب ويستراب له فكري و تلين له عظام خصري الرقيق كلما كتبت جسدا . كنت دائما اتسائل لماذا يهتم اغلب الرجال بشكل امرأة ولا يدركون عقلها …لماذا بعض الأزواج يعنفون نساءهم ليلا فوق السرير وتحت اللحاف وبين السرير واللحاف جسد يشتكي وجسد يستمتع … لماذا حين تلبس المرأة في مجتمعاتنا لباسا شفافا قصيرا تنقض عليها أعين المارة وتتعطل حركة السير في الطريق …لماذا العري صار يمارس بسذاجة في الطرقات احتجاجا على الحروب والعنف ضد المرأة واحتجاجا على الجسد في حد ذاته …لماذا تتعرى “أمينة فيمن التونسية” و”علياء المهدي ” المصرية ومن قبلهما الفنانة التشكيلية “هالة القيصر” في إحدى شوارع نيويورك متجردة تماما من ملابسها وقد أعلنت ثورة عليها و الجسد الذي اتخذت منه يافطة تحمل شعارا “أوقفوا الحرب” ….صورة هالة الفيصل وهي عارية أثارت وقتها حربا إعلامية واجتماعية بأمريكا …وما كانت الحسناء تكشف سترها لو أن في هذه الجموع رجالا” هكذا قال الشاعر خليل مطران في إحدى قصائده … نعم تعرت امرأة شرقية للاحتجاج للتعبير وان في عريها لفلسفة كبيرة لا يفقهها مرضى الشهوات ولكل من يسيل لعابهم الأبيض اللزج من فوق ومن تحت نحن مجتمعات لا ترى في الجسد الا رغبة ولذة وجنسا وايروسيات من عظم الخاصرة إلى حد الفخذين …وحين يصبح الجسد بمثابة طبق يشتهيه الرجل كلما تحرك هرمون البروجسترون في مخبره تستوي عند ذلك الأكلة السريعة بأكل المطابخ الراقية … وبعيدا عن المطبخ استحضر الآن قول سقراط “كنت أعاني منها كثيرا ولكنها تبقى حاجتي الأولى ” هو يقصد حبيبته وليس للفلاسفة حبيبة بل أسئلة وشكوك تبحث عن المعنى والحكمة والحقيقة …وحقيقتنا تقول أن المرأة خلقت للرجل والرجل خلق لها ليسا ليكملا بعض بل ليسترزقا من بعضيهما حبا وحياة وجحيما ونارا …وهي حاجة علنية وغامضة كما الرغبة الجسدية فهي لا تأنس إلى حياة وتغيب وتزول بمجرد إشباعها …أشعر حيالك بالكثير وجروحي كانت ولا تزال في حرب لأجلك لكن ماذا يفعل جلوسي أمامك فوق السرير وقرب شاهد القبر إن لم يكن تكوينك مضيء كيرا عات الليل في ظلمة الحياة فليست خطيئة الظلام هي أولى الأخطاء وآخرها بيننا …فبيني وبينك إغراء وإغواء لا ينتهي فتعال تعال ونم بحضني ولا تلمس باقي الأعضاء فليست هي الكائن الوحيد بداخلي وسأعود إليك وتعود لي كلما أردنا إن نحس جيدا ونتصوف كثيرا فللروح عباءة تشبه عباءة المتصوف ولا تشبهنا .

. سوف لن أتعالى على “امرأتي” بداخلي سأساير غرورها وأتتبع هواجسها وأتحايل على نرجسيتها لأستجلي أخبارها واكشف عنها الستارة …أنا لست بتمثال حجر اختفي واستحي …تمثال لا يحكي لا يشتكي لا يبوح لا ينفلت ولا يخطئ … أريد أن اقسم المقسم و أجزأ المجزأ …علمتني أمي منذ بروز النهدين أن أكون أنثى دائما أنيقة ومتألقة لأجله لأجلي..وتعلمت اليوم أن ارتقي بفكرة أمي التقليدية وان أكون قادرة على فهم هذا الهاجس والتعامل معه بقدر ما احتاج أنا لا بقدر ما يحتاج هو …………………………………… ولم تكن لتكون نوال السعداوي ولا غادة السمان ولا مدام بوقاري أن يكتبن و يعرين عن لغة الجسد فوق الورق و ما كان لعلياء المهدي وأمينة وهالة القيصر أن يتعرين في الشوارع لو كن يرين في جموع كل الرجال رجالا.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*